الكويت - 11 - 9 (كونا) -- يعد نادي المعلمين من أقدم الأندية في الكويت وتأسس عام 1951 وتميز بنشاطه في مختلف المجالات وريادته لبعض الاصدارات وصاحب الفضل في عدة مشاريع ابرزها مشروع محو الامية الذي كان أول مشروع وطني وقومي من نوعه في البلاد.
وقال الباحث في التراث الكويتي الدكتور يعقوب الغنيم لوكالة الانباء الكويتية (كونا) اليوم ان تأسيس النادي مطلع خمسينيات القرن الماضي تم بمتابعة من الاستاذ الشاعر عبد المحسن الرشيد ومن أبرز مشاريع النادي اصدار مجلتي الرائد والبعثة على مستوى عال من الاتقان والغنى بالمقالات النافعة في شتى المجالات.
واضاف الدكتور الغنيم ان نادي المعلمين وعلاوة على مشروع محو الأمية والعديد من النشاطات الاخرى كان يقدم الندوات والمحاضرات وينشر الوعي بين الناس ويحثهم على التعليم والقراءة.
واوضح ان فكرة النادي جاءت اثر لقاء بين الشاعر عبدالمحسن الرشيد وجمع من المعلمين في المدرسة الأحمدية وقام بعرض الفكرة عليهم وما لبثت ان نالت تأييدهم ومن ثم تولى المعلمون عملية استخراج الترخيص.
وذكر ان المشروع تم عرضه آنذاك على الشيخ عبدالله الجابر رئيس المعارف آنذاك فاستشار حاكم الكويت الامير الراحل الشيخ عبدالله السالم الصباح واتفقا على اهمية ظهور مثل هذا النادي وشجعاه ويعود اليهما الفضل في تأسيس النادي.
وبين ان عدد المعلمين في تلك الفترة لم يكن كبيرا لكنهم كانوا يشكلون مجموعة حسنة من المتعلمين وكان اجتماعهم يتم في اماكن عامة حيث يجدون الاجواء المناسبة لنشاطهم الثقافي والعلمي علما أن افتتاح النوادي كان وقتها ممنوعا بعد منع تجمع الكتلة الوطنية السياسي منذ أحداث المجلس التشريعي سنة 1938.
واشار الى ان مجلس المعارف رحب آنذاك بفكرة النادي واقترح طباعة القانون الأساسي له كما قرر مساعدة النادي ماليا وسمح لأعضائه باستخدام ساحة المدرسة القبلية للألعاب الرياضية خلال فترة اجازة الصيف ووافق على مشروعهم الخاص بتعليم الكبار.
وقال الباحث الغنيم ان النادي انشىء بداية في بيت مؤجر في الشارع الجديد (شارع عبدالله السالم) مقابل البنك المركزي حاليا على التقاطع مع شارع علي السالم حتى سنة 1953 ثم انتقل الى منزل في منطقة الصالحية خلف شارع الجهراء أو فهد السالم حاليا.
وذكر ان عبدالمحسن الرشيد وخالد المسلم وأحمد العدواني كانوا اعضاء في مجلس ادارة النادي قبل ان يتغير ذلك مع سفر حمد الرجيب فأصبح صالح عبدالملك رئيسا للنادي وعبد العزيز الدوسري امينا للسر وفهد الدويري للصندوق واقتصرت عضوية النادي على المعلمين أولا لكنها ضمت فيما بعد الشباب المثقف.
وبين أن موافقة مجلس المعارف آنذاك كانت مهمة جدا لأن أعضاء النادي كانوا يعملون ضمن اطار موظفي دائرة معارف الكويت التي يشرف عليها المجلس ولان مختلف الأنشطة من هذا النوع بما فيها الأندية الرياضية لا بد ان تحصل آنذاك على ترخيص بالبدء في العمل من مجلس المعارف علاوة على ان المجلس كان يرى فيها نوعا من النشاط المؤازر لعمله.
واشار الى ان مجلس المعارف واكب عملية انشاء النادي خطوة فخطوة منذ كان فكرة فوافق على كتاب نظار المدارس بطلب الاذن للسماح بانشائه الذي صادف 16/1/1951 وتابع واقترح رئيس المجلس في ال20 منه طبع القانون الأساسي للنادي وتوزيعه على المعلمين ليعلموا أهدافه وحدود عمله.
وذكر ان المجلس وافق مبدئيا على مساعدة النادي ماليا بعد الاطلاع على أوضاعه من قبل عضوين من المجلس وسمح للنادي باستخدام ساحة المدرسة القبلية للألعاب الرياضية في فترة اجازة الصيف ثم وافق على مشروعه الانساني القومي بتعليم الكبار وخصص مدرسة لاستخدامها لهذه الغاية.
ومضى قائلا ان اهداف النادي انحصرت في مفهوم رفع المستوى الثقافي والرياضي في الكويت وتوثيق عرى التعاون العام بين أعضائه واستغلال أوقات الفراغ بما يعود بالنفع العام.
وعن مقر نادي المعلمين فيما بعد أفاد الغنيم بأنه كان في منطقة الصالحية قرب مبنى دائرة معارف الكويت "حيث يمكن تصور موقعه الآن والذي كان امام مسجد الغربللي المجاور لدائرة بلدية الكويت شمالا عنه".
واشار الى أن مجلس المعارف قرر في الأول من شهر أبريل 1952 زيادة المساعدة المالية السنوية من ألف الى ألفي روبية كما قرر في 24 فبراير 1953 صرف 15 الف روبية كمساعدة للنادي تصرف سنويا.
وعن الهيئة الادارية أوضح الغنيم انه تم اجراء انتخابات النادي لاختيار الهيئة الادارية لتسيير أموره بعد أن أقر قانونه وذلك في 28 فبراير 1952 وفي الوقت نفسه فتح النادي المجال لغير العاملين في سلك التدريس للانضمام اليه بحيث اصبحت له صفة عامة وجاءت النتائج حمد الرجيب مديرا وصالح عبدالملك سكرتيرا وعبدالعزيز الدوسري امينا للصندوق.
وذكر ان النادي كان يستقبل الأدباء والشعراء من خارج الكويت ويعرض المسرحيات وينشر مجلة الرائد ويقدم مقترحاته الى دائرة المعارف بما يفيد العمل التربوي في ذلك الوقت.

وقال الغنيم ان النادي استمر في مقره هذا حتى عام 1959 حيث تم حله أسوة بالأندية والجمعيات الأخرى التي حلت آنذاك قبل ان يعود هذا النادي عام 1962 تحت اسم جمعية المعلمين.
وبالنسبة الى انشطة النادي اشار الى انشطة متعددة "حيث كان اشبه بخلية نحل يستمر العمل فيه كل الاوقات وتزداد كثافة المتواجدين من الأعضاء في الفترة المسائية ومن أهم وابرز مشاريعه مشروع محو الأمية وهو أول عمل من نوعه يتم في الكويت واصدار مجلة الرائد التي كانت على مستوى عال من الاتقان وكانت ملآى بالمقالات النافعة في شتى المجالات".
واستعرض من انشطة النادي أيضا اقامة الندوات والمحاضرات وعرض الأفلام في وقت لم تكن دور للسينما قد انشئت في الكويت بعد وتقديم العروض المسرحية وكان دور الأستاذ حمد الرجيب بارزا في هذا المجال فقد كان من المتخصصين الكويتيين الأوائل في فنون المسرح.
وقال ان نادي المعلمين اصدر ايضا مجلة علمية أدبية اجتماعية شهرية هي (البعثة) وضمت هيئة تحريرها حمد الرجيب وأحمد مشاري العدواني وفهد الدويري وكانت تطبع في دار الكشاف ببيروت.
وذكر ان النادي عمل على مكافحة الامية في الكويت وتمت الاستعدادات اللازمة لتنفيذ المشروع وافتتحت بعض المدارس لتسجيل الطلاب الراغبين في الانتساب وجند للتدريس ما يقارب من 30 مدرسا.
وقال الغنيم ان ذلك المشروع كان باكورة جهود نادي المعلمين والذي حظي باهتمام ومتابعة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الذي كان يتولى آنذاك مسؤوليات مهمة من ابرزها وزيرا للارشاد والانباء وكان يتابع المراحل التي قطعها المشروع ويعمل على تذليل العقبات التي تقف في طريقه باعتباره مشروعا وطنيا انسانيا ويقوم بزيارات ميدانية الى مراكز محو الأمية التي هيأتها دائرة معارف الكويت للنادي دعما منها لهذه الجهود الخيرة.
واضاف ان هذه الرعاية والعناية كانت من أهم الاسباب التي أدت الى نجاح المشروع الذي تبنته دائرة الشؤون الاجتماعية والعمل بعد اغلاق النادي مبينا ان الاشراف على مسيرة مشروع محو الأمية تولته لجنة من أعضاء النادي مؤلفة من الشيخ عبدالعزيز حمادة والأساتذة صالح عبدالملك وسليمان الحداد ومحمد النشمي ويوسف العمر وعبدالمجيد السالم.
واشار الى ان هذه اللجنة كانت واحدة من اللجان التي أنشأها النادي اضافة الى اللجنة الرياضية ولجنة التمثيل وانشاء مكتبة كبيرة متنوعة الموضوعات ليستفيد منها الأعضاء والباحثون وغيرهم.
وعن الاقبال على عضوية النادي قال الغنيم انه كان شديدا من قبل المعلمين وغيرهم ايضا لما تلمسوه من أنشطة ومشروعات هادفة حتى بلغ أعضاء النادي اكثر من مئة وستين عضوا آنذاك.
وعن مجلة الرائد قال الغنيم انها كانت "مفخرة" بمعنى الكلمة لا لنادي المعلمين فحسب بل للكويت ككل حيث كانت نوعا راقيا من الصحافة ملأى بالمقالات الهادفة والمحاورات والأشعار وتضم أخبار الوطن والمشاريع الوطنية آنذاك ونسخ المجلة مصورة عن الأصل في ثلاث مجلدات فاخرة أصدرها مركز البحوث والدراسات الكويتية سنة 1999.
واشار الى ان صاحب السمو امير البلاد حين كان رئيسا فخريا للنادي ابدى اهتماما كبيرا بهذه المجلة وشجعها ودعا الى استمرار صدورها كما كان مجلس معارف الكويت مهتما بها لا سيما رئيس المجلس المرحوم الشيخ عبدالله الجابر الصباح الذي كان مهتما بمثل هذه الانشطة.
وذكر ان العدد الأول من مجلة الرائد صدر في مارس 1952 واستمر صدورها حتى سنة 1954 وكان العدد الذي صدر في تلك السنة آخر أعدادها وكان صدوره في شهر يناير.
وبين ان نادي المعلمين بقي مستمرا في عمله حتى كانت سنة 1959 حيث اغلقت جميع الأندية في البلاد وكان نادي المعلمين واحدا منها فتوقف ذلك العمل الاجتماعي الأهلي الكبير منذ ذلك الوقت الى ان بدأ بعض الناشطين من المعلمين الأوائل ومنهم أعضاء في نادي المعلمين التفكير باقامة نوع من النشاط يجمع المعلمين كما كان يفعل النادي القديم فتحققت لهم فكرة انشاء جمعية المعلمين.
واستعرض الغنيم من الاندية الادبية آنذاك النادي الأدبي الذي تأسس سنة 1946 ولم يكن مختصا بالمعلمين وانما بالمثقفين عموما وان كان بعضهم في هيئته التأسيسية.
وأشار الى ان الأستاذ صالح عبدالملك الصالح تناول حكاية النادي الادبي في كتاب (تاريخ التعليم في دولة الكويت) مقتبسا قوله "واجتمعت مع عدد من الشباب لعمل ناد أدبي كويتي منهم عبدالله زكريا الأنصاري وعبدالوهاب العدواني و فهد الدويري أحمد العدواني ابراهيم عبدالعزيز المقهوي محمد عبدالسلام شعيب و سعود الخرجي و حمود عبدالعزيز المقهوي و أحمد زيد السرحان ووقعوا كتابا سلموه الى السيد عبدالله الملا سكرتير الأمير أحمد الجابر الصباح".
وذكر وفقا للاقتباس نفسه انه "بعد اسبوع جاءت موافقة سمو الأمير واصبح الشيخ عبدالله الجابر رئيسا للنادي وتم انتخاب عبدالله زكريا الانصاري مديرا وصالح عبدالملك أمين السر ومحمد قبازرد أمينا للصندوق وتحدد رسم الاشتراك بعشر روبيات واختير بيت أحمد البحر كمقر للنادي بأجر شهري قدره 40 روبية".(النهاية) م ف / ت ب كونا111051 جمت سبت 11